مدة غياب الزوج عن زوجته.. حكمه وضوابطه
في فترات قريبة سيوفر لها ولأولاده سعادة نفسية وعصمة خلقية لا توفرها المادة التي سافر من أجلها، فالواجب هو الموازنة بين الكسبين، وشرف الإنسان أغلى من كل شيء في هذه الحياة، وإبعاد الشبه والظنون عن كل منهما يجب أن يعمل له حسابه الكبير. ولئن كان عمر رضي اللّه عنه بعد سؤاله حفصة أم المؤمنين بنته قد جعل أجل الغياب عن الزوجة أربعة أشهر1. فإن ذلك كان مراعى فيه العرف والطبيعة إذ ذاك، أما وقد تغيرت الأعراف واختلفت الطباع، فيجب أن تراعى المصلحة في تقدير هذه المدة، وبخاصة بعد سهولة المواصلات وتعدد وسائلها. ومهما يكن من شيء فإن الشابة إذا خافت الفت2نة على نفسها بسبب غياب زوجها فلها الحق في رفع أمرها إلى القضاء لإجراء اللازم نحو عودته أو تطليقها، حفاظا على الأعراض، ومنعا للفساد، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار. انتهى. ويقول الشيخ ابن عثيمين:- الواجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف لقول الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) وحق العشرة حق واجب على الزوج لزوجته وعلى الزوجة لزوجها، ومن الم@عاشرة بالمعروف أن لا يغيب الإنسان عن زوجته مدة طويلة؛ ولكن إذا رضيت بغيبته ولو مدة طويلة فإن الحق لها، ولا يلحق الزوج حرج، لكن بشرط أن يكون قد تركها في مكان آمن
لا يخاف عليها، فإذا غاب الإنسان لطلب الرزق وزوجته راضية بذلك فلا حرج عليه وإن غاب مدة سنتين أو أكثر ) (وإذا لم تسمح له بذلك فإن عليه أن يرجع إليها كلما مضت نصف سنة، إلا أن يكون معذورًا بمرض أو نحوه.) انتهى وقال الشيخ ابن جبرين: قد حدد بعض الصحابة غيبة الزوج بأربعة أشهر، وبعضهم بنصف سنة. ولكن ذلك بعد طلب الزوجة قدوم زوجها فإذا مضى عليها نصف سنة وطلبت قدومه وتمكن ؛ لزمه ذلك، فإن امتنع فلها الرفع إلى القاضي ليفسخ النك@اح. فأما إذا سمحت له زوجته بالبقاء ولو طالت المدة وزادت على السنة أو السنتين فلا بأس بذلك، فإن الحق لها وقد أسقطته فليس لها طلب الفس2خ ما دامت قد رضيت بغيابه، وما دام قد أمن لها رزقها وكسوتها وما تحتاجه).
أربعة أشهر، على حسب ما يحدد ولي الأمر، وأكثرها ستة أشهر، كما فعله عمر، ثم يرجع إلى أهله. أما إذا أمكن أن تسافر معه زوجته في البلد، في بلد العمل الذي أرسل إليها كالسفير ونحوه؛ فإنه يسافر بها؛ حماية لها من الشر، وقضاء لو@طره ووطر@ها، وحماية لأنفسهما جميعًا من الشر، فهو في حاجة إليها، وهي في الحاجة إليه.