جلنار فتاة مسكينة تفتحت عيناها على الدنيا فوجدت نفسها…
جلنار فتاة مسكينة تفتحت عيناها على الدنيا فوجدت نفسها…
لكن هيهات هيهات، فقد كرهت جلنار كل الرجال فهي لا تتصور أنه يمكن أن تعيش مرة أخرى مع رجل يبطش بها كما فعل زوجها السابق عبد العاطي، وانطلقت شائعات كثيرة في عملها بأنها إنسانة معقدة من الرجال،
وبعد فترة رشحها رئيسها في العمل للسفر للخارج لمدة أربعة سنوات واصطحبت معها أمها وعاشت في الغربة أحلى سنوات عمرها، وكانت تعود بالهدايا الكثيرة لجيرانها الطيبين في الزقازيق كل حين،
وانتهت مدة اعارتها وعادت لمصر، فرشحتها الشركة لمنصب.
في مقرها بالقاهرة، وقامت ببيع شقة الزقازيق واشترت شقة رائعة في حي المعادي الراقي جنوب القاهرة، واستقرت أحوالها فملأت أوقات فراغها بالصلاة وحفظ القرآن وتعلم اللغات والعزف على البيانو.
ذات يوم دخل مكتبها في العمل صفوت وهو عميل متميز في الشركة، وشعرت جلنار بارتياح نفسي له وأبدى هو إعجابه بها، وصارت جلنار أمها بالتطورات الجديدة في حياتها وأن صفوت يلح في طلبها للزواج، لكنها مترددة وتخشى أن تتكرر المأساة والمحنة القاسية مرة ثانية !
وحاول معها صفوت كثيرًا لإقناعها مبررًا لها موقفها من الرجال بأنه تأثرًا من صورة زوجها السابق وهو يضربها ويطردها، فكان في خيالها وعقلها الباطن كوحش من وحوش الأساطير،
وأكد صفوت صحة تفسيره لحالتها بدليل أنها تخشي من الاقتراب من حي العباسية الذي يعيش فيه زوجها السابق في الشقة التي اغتصبها منها !
بل وأقنعها بضرورة القيام بزيارة لذلك الحي كي تكسر حاجز الخوف المترسب في أعماقها من الرجال، ووافقته جلنار وذهبت معه بالفعل إلى هناك، ففوجئت أن بيتها القديم قد ازداد قدمًا وسوادًا،
واستجمعت شجاعتها ودخلت البيت فقابلتها إحدى صديقات الطفولة وعرفت منها أن عبد العاطي قد تزوج بعد طلاقها بشهور قليلة من فتاة تنتمي لعائلة كبيرة من تجار روض الفرج وأنه أنجب منها ولد وبنت وأساء معاشرتها كما فعل مع جلنار، وضربها عدة مرات فصبرت إلى أن طفح بها الكيل،
واشتكت إلى أهلها الذين جاءوا على الفور وضربوا عبد العاطي ضربًا مبرحًا في شقته ثم ساقوه على السلالم وهو يتدحرج أمامهم، ثم تبادلوا ضربه وإهانته في الشارع تحت أنظار الجميع وذهبوا به إلى المأذون وطلقوها منه وعادوا واستولوا على أثاث الشقة كله،
وبعد فترة نشب حريق في الشقة..لقراءة تتمة الخبر
التهم كل ما تبقى فيها ولم تترك النيران حتى الأرض الخشبية والجدران، وهو الآن ينام في الشقة على حشية من الإسفنج فوق الأرض المتفحمة ووسط الجدران السوداء !
وكان انتقام ربك كبيرًا من ذلك الزوج الظالم، فقد سلّط عليه من هو أكبر منه ظلمًا وأجبره أهل طليقته على دفع نفقة باهظة لأولاده يذهب بنفسه ذليلًا كي يدفعها إليهم صاغرًا !.. هكذا كانت عدالة السماء، وكما تدين تُدان !!
ساعتها أحست جلنار براحة نفسية غريبة بعد سماعها تلك الأخبار وشعرت بأن حاجز الخوف والقهر قد انكسر للأبد، ووافقت على الزواج من صفوت وعاشت معه في سعادة وهناء.