حقيقة الحرملك

حقيقة الحرملك

موقع أيام نيوز

العلية فذلك أدى إلى تدعيم أركان الدولة في وقت الضعف. فمثلا توجيهات السلطانة كوسم والسلطانة تورهان التي أبدينها في الشؤون الإدارية ربما كان دليلا على أنهما تمتلكان المعرفة الكافية للتمييز بين الخطأ والصواب فيما يخص الإدارة. يسكن في الحريم أهل السلطان مع الخدام من الجواري.. أما من يمتلك السلطة والصلاحيات التامة داخل جناح الحريم فهي والدة السلطان. وأما المشرف على الخدم والعمال نساء ورجالا فهو شخص يسمى آغا الحريم.
إن من أهم المسائل التي يدور النقاش حولها في هذه الأيام عن الحريم والتي تم تفسيرها خطأ هي مسألة الجواري.. من المعلوم أن الجواري هن من أسرى الحروب ومن المعلوم أيضا أن الإسلام أمر بحسن معاملة الأسرى والرفق بهم وعدم إيذائهم أو التعرض لما يجرح كرامتهم.. فعلى هذا الأساس سارت الدولة العثمانية وتعاملت مع الأسرى برفق وسعت إلى تربية النساء منهم تربية إسلامية وبذلت الجهود لهدايتهن إلى الإسلام ثم من بعد استئناسهن بالإسلام قامت بإطلاقهن أحرارا.. نعم هذا ما كان يوصي به العلماء في مؤسسة الحريم وهذا ما كان يفعل على أرض الواقع. ولا شك أن هذه القيم الإسلامية التي نفذتها الدولة العثمانية أقامت لها حضارة راقية لا نظير لها في مسرح التاريخ.. وليس بغريب أن تخرج هذه الحضارة من جواري الحريم السلطانة الوالدة أي والدة السلطان التي تعني First Lady السيدة الأولى في أيامنا هذه.
الحريملك مدرسة قيم وأخلاق.
إن الوظيفة الأساسية التي يتقلدها الحريم كانت تتجلى في كونها مؤسسة تعليم تطبيقي تسعى إلى تربية الجواري اللواتي سيقمن بخدمة القصر. كانت الجواري يتعرفن في الحريم على الأخلاق الإسلامية السامية ويتعلمن القراءة والكتابة ثم يتلقين العلوم الدينية والاجتماعية من جانب ومن جانب آخر يتعلمن كيفية التعامل مع أهل القصر والأدب في الحديث والمعاملة.. ووفقا للقابليات والمواهب كن يتعلمن كذلك فن الموسيقى أو مهنة الخياطة أو مهنة التطريز وغيرها من المهن.. ومن ثم كان يتم توظيفهن في القصر وفقا لاختصاصهن.. وأما المتفوقات منهن كن يرتقين إلى مرتبة نائب المشرف ومن ثم يتم تعيينهن إما إلى دائرة السلطان أو دائرة والدة السلطان وإما إلى دائرة زوجة السلطان أو دائرة فرد من أهله.. وأما الماهرات الذكيات منهن كان يتم ترقيتهن درجة درجة من خلال تقييم أدائهن وفي نهاية الأمر يلقبن بالمعلمة ليقمن بخدمة السلطان مباشرة. ولعل هذا النظام دليل على أن ترقية الجواري كانت تتحقق وفقا للكفاءات وليس وفقا للشكل والجمال كما يزعم الكثير من الناس. بل الجارية المتفوقة في التعليم الكاتبة القارئة جيدا صاحبة الكلام الطيب والمؤدب هي من كانت تستحق الترقية. ولابد أن نلفت الانتباه هنا إلى أن نظام الحريم هذا كان شبيها جدا بنظام الأندرون الذي ينشئ رجالا أكفاء موثوقين قادرين على تقلد المناصب الإدارية
تم نسخ الرابط