رواية صماء لا تعرف الغزل كاملة بقلم الكاتبة الصغيرة من 1 الي 6

موقع أيام نيوز

في المساء ظلت جالسة علي سريرها تنظر بهذا الكتاب المكتوب باللغة الفرنسية، نعم فهي رغم ظروفها إلا أنها لم تستسلم لإعاقتها التي لم تولد بها، فهي كانت طفلة مفعمة بالحيوية تسمع وتتكلم مثل باقي الأطفال بسنها وكانت أمها صفا تهتم بتعليمها اللغات الإنجليزية والفرنسية منذ الصغر، رغم عدم التحاقها بالمدرسة في هذا السن بسبب الحروب والمناوشات وخوف امها الشديد من شيء أصبحت تعلمه الآن، هذه هي وسيلتها الوحيدة لمحاربة مللها اليومي، فمن الصعب أن تبحث عن عمل بإعاقتها.. من سيقبل بعمل بكماء يكاد تستطيع السمع؟ انها لا تعترض علي قدرها وإنما هي سعيدة انها لا تستمع لصوت المنافقين، بل تستمع لقلوب من حولها.. قلوب طيبة لا تعرف الخبث، افاقت من شرودها علي اهتزاز جوالها لتعرف المتصل قبل أن ترى اسمه.. ثم وصلها رسالة:

محمد: نمتي ؟

غزل: ………

محمد: مش بتردي ليه؟ أنا عارف انك زعلانه بس والله غصب عني مبعتلكيش بعد ما خلصت.

غزل: ……

محمد: كده يا غزل اهون عليكي انام زعلان؟ طيب مش هتسألي عملت ايه في الوظيفة.

غزل: عملت ايه؟

محمد: ………

عزل: محمد؟

بعد لحظات رأت رسالته

محمد: افتحي انا بره.

قفزت غزل مسرعة بمنامتها الطفولية القصيرة فوق ركبتها لتفتح الباب لمحمد، وعندما رآها بهذا الشكل اندفع داخل الشقة ليغلق الباب بعنف ويصيح بوجهها:

– أنتِ ازاي تفتحي الباب بالشكل ده؟ افرضي حد طالع أو نازل شافك كده.

كانت غزل تنظر لشفتاه وهو يتحدث، لتفهم ما يقول وتعرف سبب غضبه وثورته وعندما احست انه على وشك ضربها حبست الدموع بعينيها وشعرت بخوفٍ شديد جعل جسدها ينتفض بدون سبب.

زفر زفرة ساخنة تنم عن غضبه المشتعل وقال بهدوء مفتعل:

– خلاص يا غزل حقك عليا.

شاهدت شفتاه وفهمت ما يقول، هذه هي طريقتها لتعرف ما يقوله من يتحدث معاها بعد سماع الأذن، التي خربت وتحتاج تصليح ولكن لا يوجد مال لإصلاحها حاليًا.

جذبها من يديها وجلس علي اقرب أريكة بصالونهم القديم، وجلست بالقرب منه مطاطة الرأس فرفع وجهها بيديه وقال لها:

– مش هتسأليني عملت ايه؟ طيب ياستي أحب أبشرك انهم وافقوا عليا واتقبلت في الوظيفة وعلى وعدي أول فلوس تجيلي اجبلك اللي تطلبيه.

هزت رأسها بالرفض وكتبت له أنها لا تريد إلا سعادته وتوفيقه، ثم هبت واقفه تصفق بيديها وتجري إلى المطبخ، ثم عادت وبيدها صحن مملوء بالمعجنات المشهورة بوطنها وعصير لتحتفل معه بطريقتها البسيطة لحصوله علي الوظيفة.. فمد يده التقط قطعة وهو يبتسم لها ابتسامه مهزوزة متحسرًا علي حالها، كيف لهذا الجمال وهذه البراءة تفني بسبب إعاقة.

______________

في قصر الشافعي وبالأخص بحجرة يوسف الشافعي، يستيقظ على رنين هاتفه فيلقي بوسادته أرضًا ويستقيم بجزعه ليلتقط الهاتف ويجيب بصوت ناعس، ليقفز من فوق السرير عندما يأتيه صوت غليظ من الجهة الأخرى:

– انت لسه نايم لحد دلوقت؟ طبعًا ماهي طابونه.. وأنا ممسك الشركة لشوية عيال.

– يا عمي والله انا نايم متأخر عش…

قاطعه قائلًا:

– عشان ايه يا محترم؟ انت مش هتبطل هلس بقى.. على العموم بسرعه تلبس وتكون في الشركة أنا في الطريق، لو صلت قبلك أنت عارف هيجرالك ايه، ومش هتقدر تضحك عليا زي كل مره يا بشمهندس يوسف.

– حاضر يا عمي حاضر.

أغلق الخط ومسك شعر رأسه، فهو يريد ضرب أحدهم اليوم..

“ماشي يا عمي منا مقدرش أقول غير كده اما اشوف يا نج نج ”

وابتسم وتحرك لدورة المياه الملحقة بالغرفة.

تم نسخ الرابط